*((فتافيـــت السكـــــــــــر))*

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منور يا زائر


    ابره الطبيب

    sh&m
    sh&m
    مشرفه عامه
    مشرفه عامه


    عدد الرسائل : 236
    المهنة : ابره الطبيب Driver10
    تاريخ التسجيل : 03/11/2008

    اعلان ابره الطبيب

    مُساهمة من طرف sh&m الأحد نوفمبر 16, 2008 10:57 pm

    إبــرة الطــبيب

    رنّ جرسُ المدرسة، وانطلقَ التلاميذُ إلى الباحة، يركضون ويلعبون، يضحكون ويصرخون.. وظلّ أحمدُ في الصفِّ، يرتِّبُ كتبَهُ، وأصواتُ زملائه، تملأُ أذنيه..‏

    وفجأة.‏

    انقطعَتِ الحركةُ والأصوات!‏

    قال أحمد مدهوشاً:‏

    -أمرٌ عجيب.. ماذا حدث؟!‏

    خرج مسرعاً، ليعرفَ السبب..‏

    شاهد التلاميذَ مجتمعين، يمدُّون عيونهم إلى باب الإدارة..‏

    انضمّ أحمدُ إليهم، ينظر حيثما ينظرون.‏

    رأى رجلاً غريباً، يلبس رداءً أبيض .‏

    -مَنْ هذا؟‏

    -طبيبٌ من المدينة .‏

    -ولمَ جاء إلى مدرستنا؟!‏

    -ليضربَ التلاميذَ بالإبر‏

    -لماذا؟‏

    -يقولون إنها لقاح ضدّ المرض .‏

    -أيّ مرض؟‏

    -لا نعرف اسمه.‏

    صمَتَ أحمدُ، وأخذ يراقبُ الطبيبَ، فرآه يجهِّزُ الإبرة .‏

    خاف أحمد من وخزها، وأضمر في نفسه أمراً.‏

    صفّ المعلّمُ التلاميذَ. وجعلوا يتقدّمون إلى الطبيب، واحداً إثر آخر..‏

    كان أحمد مختبئاً، يحبس أنفاسه، ويسترق السمعَ، فلا يصلُهُ إلا أصواتٌ خافتة، وكلماتٌ غامضة.‏

    مكث صامتاً يترقّب..‏

    وأفلتَ التلاميذُ، وتعالتِ الأصوات، و.. أخرجَ أحمدُ رأسَهُ، ونظر مستطلعاً.. لقد انصرف الطبيب، وانتهى كلُّ شيء.‏

    نهض أحمد فرحاً، يقول في نفسه:‏

    -لم يدرِ بي أحد!‏

    واختلط برفاقه، يستمع إلى حوارهم..‏

    -كنتُ خائفاً من الإبرة‏

    -ولمَ الخوف؟!.. إنها مثلُ وخزةِ الشوكة‏

    -هل تؤلمك الآن؟‏

    -لم أتألّمْ غيرَ دقيقة .‏

    -ظننْتُ أنه سيأخذ ثمن الإبرة .‏

    -ليس معنا قرش واحد!‏

    -أخذناها مجاناً وانتهينا .‏

    -وماذا ستفيدنا؟‏

    -إنها تقي أجسامنا من المرض .‏

    سمع أحمد هذا الكلام، فخجل من جبنه، وندم على هروبه، ولكنّ الندمَ لا يفيد، فبعد أيام، أصابه المرض، فانقطع عن المدرسة، ولبث في البيت..‏

    قال والده، وهو يلمس جبينه:‏

    -لم ينتفعْ باللقاح اللعين!‏

    وقالت والدته، وهي محزونة:‏

    -يجب أنْ نأخذَهُ إلى الطبيب.‏

    -لا أملكُ إلا عشرين ليرة .‏

    -وأنا معي ثلاث عشرة ليرة .‏

    وقالت أخته الصغيرة:‏

    -وأنا معي خمس ليرات .‏

    قال الأب:‏

    -لا حولَ ولا قوّة إلا بالله.‏

    وقال أحمد في سرّه:‏

    -لقد تعلّمْتُ درساً لن أنساه..‏

    الألم القليل قد يُنتجُ راحةً كبيرة .‏

    والمعلِّمُ هذه المرّة هو: إبرة الطبيب!‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء أكتوبر 02, 2024 8:25 am